قال: [وأخذ هذا المذهب عن الجعد الجهم بن صفوان، فأظهره وناظر عليه، وإليه أضيف قول الجهمية ] والجهمية: علم مشهور يطلق على منكري صفات الله سبحانه وتعالى، وعلى القائلين أيضاً: بأن الإيمان هو مجرد المعرفة، فبمجرد أن الإنسان يعرف الله فهو مؤمن عندهم، وعلى الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان كالريشة في مهب الريح، لا إرادة له ولا اختيار، أرأيتم كيف جمع الجهم بين هذه المصائب الثلاث، وكل واحدة منها كافية في أن يعاقب بما عاقبته به الأمة الإسلامية، من ذكره بأسوأ الذكر في كل كتب تواريخها وسيرها وأعلامها ورجالها، فضلاً عما عوقب به من القتل في عصره. فهو يقول: إن الله تعالى لا يوصف بشيء، ويقول: إن الإيمان هو المعرفة، ويقول: إن العبد مجبور على أفعاله، لا إرادة له ولا اختيار، بل هو كالريشة في مهب الريح. وكل واحدة من هذه تستحق أن يعاقب صاحبها إذا أصر عليها بمثل العقوبة التي عوقب بها الجهم .
والجهم ترجم له وذكر شأنه كثير من العلماء، ومن أجلهم وأقدمهم الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتابه خلق أفعال العباد، ذكر نبذاً من ذلك عن الأئمة الذين تكلموا في الجهم .